كتب اليزيدية المقدسة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، واشهد أن محمداً عبده ورسوله. وبعد،

فإن الإيمان بالله تعالى، يقتضي الإيمان بضرورة العقل أن ذلك الخالق لا تصدرُ أعماله إلا عن حكمةٍ بالغةٍ علمها من علمها، وجهلها من جهلها، وقد أخبر الله تعالى في كتابه  أنه ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ﴾  [الشورى: 51 ] والوحي هنا يشمل ما أُنزل في تلك الكتب ويتضمّنه، وقال سبحانه: ﴿الٓرۚ كِتَٰبٌ أُحۡكِمَتۡ ءَايَٰتُهُۥ ثُمَّ فُصِّلَتۡ مِن لَّدُنۡ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾  [هود:1 ]، وقال تعالى: ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾  [النساء: 165 ]  يقول الإمام ابن قدامة المقدسي تعليقاً على هذه الآية: ” نعلم أن لله علينا الحجة بإنزال الكتب وبعثة الرسل”

فهذا البحث أعرض فيه باختصار في التمهيد، للحديث عن نحلة الإيزيدية أو اليزيدية، دون التعرض للتفصيل في هذه الطائفة، والحكم عنها وبيان حالها ومناقشتها، فلذلك مقام آخر أفردت له رسائل خاصة. وإنما البحث هو في الحديث عن مصادر اليزيدية وكتبهم المعتمدة عندهم، وعرضها في ميزان الدراسة والنقد.

   ويمكن أن أجمل أهمية دراسة هذا الموضوع فيما يلي:

  • تمثل الكتب المعتمدة لأي نحلة أو ديانة قطب الرحى لها، ومرجعا تحتكم إليه في تشريعاتها، ومنهجا تهتدي من خلاله، وهي قضية جديرة بالاهتمام، كما يقول الطبيب الفرنسي موريس بوكاي في عبارته الشهيرة: ما القيمة الصحية لهذه النصوص التي في حوزتنا اليوم…؟ وذلك يعني بالضرورة أن ندرس الظروف التي سادت تحرير تلك النصوص وانتقالها إلينا.
  • وعند شروعي في هذا الموضوع، لم أقف على مؤلف مستقل لدراسة سند الكتب المقدسة في النحلة اليزيدية، وجل ما وجدته إنما ذكر هذه المصادر دون سند لها.
  • أمر أعده دافعا رئيسا للكتابة، وهو تضارب واختلاف الأقوال حول مصداقية وسند هذه الكتب، وهنا تكمن أهمية هذا الموضوع.

لذا فإني أرجو من دراسة مصداقية هذه الكتب أن تكون دافعا لأتباع هذه النحلة إعادة النظر في شريعتهم وما يؤمنون به، لا سيما وهم يعترفون بإسلامهم.

ولسائل أن يسأل: هل ثمة ضرورة لهذا الجدال العقدي والزيدية يعيشون في بعض بلاد الإسلام ويمارسون طقوسهم وشعائرهم في معابدهم؟

والجواب: نعم! إنه جدال لا يستقيم أمر الحق إلا به؛ فإن أجمل ما يحيا له الإنسان هو الوصول للحقيقة، والجهاد في سبيلها.. لذا فإن بيان حقيقة ما عليه هذه النحلة من انحرافات ومخالفات، اعترف بها من ينتمي إليهم، أو سكت عنها من ينتمي إليها جهلا أو، لالتباس الحق عليه يعدّ أكبر دليل في بيان الحق، ﴿لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ ۗ﴾ [الأنفال 42].

 استناداً إلى ما أوردت في هذه المقدمـة، والتي أرجو أن تكون قـد بينت أهمية هذا البحث، فإني قسمت هذا البحث إلى: مقدمة –وقد سبقت-، وتمهيد، ومبحثين، وخاتمة.

أما التمهيد ففي تعريف مختصر لليزيدية وعقائدهم وفرقهم..

المبحث الأول: في الكتب المقدسة عند اليزيدية، وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: الجلوة.

المطلب الثاني: مصحف رش.

المطلب الثالث: لغة الكتب المقدسة.

المبحث الثاني: كتب اليزيدية في ميزان النقد:

وأخيراً الخاتمة، وفيها أهم النتائج.

أسأل الله تعالى أن أكون قد وفقت فيما عرضت، وأن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه سبحانه.

 

لتحميل البحث اضغط هنا