الحمد لله السلام المؤمن، والصلاة والسلام على الرحمة المهداة، المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
رعى الإسلام الدعوة إلى السلام وجعلها دعامته الأولى.. وقد تناول كتابه القرآن الكريم (السلم والسلام) في عشرات من آياته المحكمات. ليس ذلك فحسب، بل إن السلام اسم من أسماء الله تعالى وصفة من صفاته ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [الحشر: ٢٣]
وقد جعل الله تعالى السلام تحيته بين عباده، وأمرهم بذلك، للإشعار بأن هذا الدين هو دين السلام والأمان، وهم أهل السلم ومحبو السلام. وفي الحديث أن رسول الله r يقول: «إن الله جعل السلام تحية لأمتنا وأمانا لأهل ذمتنا»
وسمّى رب العزة والجلال الجنّة دار السلام: ﴿وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ [ يونس:25]، ﴿لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام: ١٢٧]، ﴿دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [ يونس: ١٠] وجعل سبحانه السلام جزاء على رضوانه:﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ﴾ [ المائدة:16]
وقد وردَ ذكرُ السلامِ في القرآن مُتصرِّفًا أربعًا وأربعين مرَّةً، في حين أن لفظَ الحرب لم يرِد في الكتاب الحكيم إلا ستَّ مراتٍ، وآيات القرآن الكريم التي تناولت السلام كثيرة، ومن هنا كان الإسلام شعار المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها منذ ظهور الإسلام حتى الآن.
وجاء الإسلام خاتماً للأديان، بعد النصرانية التي آل إليها من حرف دين المسيح u. فكان طبيعياً أن يقوم الحوار بين الإسلام والنصارى، بل وأصحاب الديانات الأخرى التي كانت سائدة في ذلك الوقت، فاليهود قد جاوروا المسلمين في المدينة المنورة.
وقد اتضح منهج القرآن الكريم في الحوار مع أصحاب الديانات الأخرى، وألزم المسلمين في مجادلة غير المسلمين بأن يكون الجدال بالحسنى في قوله تعالى: ﴿وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [العنكبوت: 46].
إنه إسلام السلام. دين الأمن والأمان والسلام، والله تعالى الذي لم يرتض غير الإسلام دينا هو السلام ويدعو إلى الإسلام والسلام.
وقد جاء البحث في مقدمة، وتمهيد، وثلاثة مباحث، وخاتمة.
المقدمة: وهي التي بين يدي القارئ في التعريف بالموضوع وأهميته.
المبحث الأول: في حوار الإسلام مع أصحاب الأديان، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: دعوة القرآن الكريم والسنة النبوية إلى الحوار غير المسلمين عموماً.
المطلب الثاني: تخصيص أهل الكتاب بالدعوة إلى الحوار معهم.
المبحث الثاني: منهج الإسلام في الحوار مع غير المسلمين.
المبحث الثالث: في نماذج وشهادات من الحوار مع غير المسلمين.
الخاتمة: وفيها أهم النتائج والتوصيات التي توصي بها الدراسة. أسأل الله تعالى أن أكون قد وقفت فيما عرضت. وأن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه سبحانه.
لتحميل البحث اضغط هنا

